آفاق الاقتصاد الرواندي بعد الحرب الأهلية
بقلم د. عبد اللطيف آدم موسى.
رواندا.. سنغافورة إفريقيا تجني ثمار الاهتمام بالتعليم والصحة والانفتاح
بعد سنين التعافي وخروجها من محنة الحرب الأهلية المدمرة، التي عايشتها دولة رواندا، فقد رتبت نفسها وعززت عن وضعيتها وظروفها الخاصة التي مرت بها، ومن ثم اتجهت نحو نهج الديمقراطية وحكم العدل وسيادة القانون في الدولة الجديدة، الشيء الذي ساهم بطريقة فعالة وأدى الي الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد ومهد نحو الكثير وشكل عامل جذب كبير في مجال العمليات الاقتصادية والمالية والاستثمارية.
الحكومة الرواندية بقيادة زعيمها (بول كاجامي) استطاعت أن تحقق النجاحات الواسعة، حيث استخدمت في ذلك التجارب الميدانية العديدة والمتطورة في مجال السياسة الاقتصادية والاجتماعية، والتي هدفت من خلالها إلى تحسين التنمية الريفية وتقليل الفقر، متبعة في ذلك منهج التقييم والابتكار، عبر عدد من المشاريع الاقتصادية والتنموية من أجل مكافحة ذلك الفقر، وسعت نحو إرساء برامج التوعية والتنمية المجتمعية المتعددة، مثل البرامج التي تهدف إلى تحسين التعليم والصحة والخدمات، وذلك من خلال عملية التجارب الميدانية، وهي سياسة التنمية البشرية الجيدة والمعروفة بعملها ومنهجها في مجال برامج الاقتصاد والتنمية المجتمعية، حيث اعتمدت منهجا تجريبيا جديدا وموازيا لفهم وضع الفقر من ناحية والتنمية الاقتصادية المجتمعية من ناحية أخرى.
وكذلك اتخذت عددا من التدابير والبرامج المختلفة في تحسين الحياة المعيشية لدى مجتمعها.
أكدت رواندا من خلال هذه التجارب بأن الاقتصاد يمكن أن يستخدم كأداة لتحسين حياة الناس وأن الأدلة المستمدة من التجارب يمكن أن تقود إلى سياسات أفضل وأكثر فعالية، حيث أصبحت بمثابة المثل الحي في تطبيق الكثير من النظريات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك كله بعد التجربة المريرة للحرب الأهلية التي عايشتها.
عبر وخلال هذه التجربة الرائدة من الأفضل أن نقول بأن الإنسان (الرواندي) أو الكادر البشري هو محور الاهتمام والمثال الحي لتطبيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية في بلاده.
بعد النجاح الذي تحقق وحسن التنفيذ والمتابعة أصبح الإنسان الرواندي هو العنصر الفاعل في عمليتي التغيير والتحديث، وعبر وسائلهما المختلفة، عن طريق عملية المعرفة والتعليم والتعلم والتحصيل العلمي في شتى المجالات، والذي ساهم في عملية تحويل تلك النظريات الاقتصادية إلى الواقعية. أو بمعنى آخر تحويل تلك السياسات الاستراتيجية إلى خارطة الطريق نحو التحول الاقتصادي والاجتماعي والتنموي في البلاد، تلك الاستراتيجية التي ساهمت أيضا في وضع اللبنة الأولى والأساسية في تنمية وتطوير الموارد البشرية، حيث حققت رواندا من خلال تلك الطفرة والنقلة الحقيقية نحو النمو والتقدم وتحقيق الازدهار الاقتصادي الناجح ، والشيء الذي زاد على ذلك هو الوعي المجتمعي عبر اتباعه وانصياعه للأسس المنهجية والتدابير التي اُتخذت، ومن ثم أدت إلى عملية الانتعاش الاقتصادي من أبوابه الواسعة وتمكنت رواندا من خلال كل ذلك مؤخرا من تحقيق الأرقام الاقتصادية المميزة في القارة الأفريقية، حيث تحقق ذلك من جملة عائداتها المالية والصناعية والزراعية والتجارية والاستثمارية وصادراتها وكذلك العائد من خدمات تلك الصادرات المحلية بما فيها معدن الذهب النفيس.