الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل والصحراء وانعكاساتها على الأمن القومي الليبي
شهدت الساحة الدولية تطورات عديدة أدت إلى حدوث تحولات وتغيرات في طبيعة التهديدات الأمنية والقضايا الدولية كنتيجة لهذه التحولات في العلاقات الدولية المعاصرة، تتفاعل العديد من القضايا بمستويات وتأثيرات متنوعة، توسعت الأجندة الأمنية لتشمل مواضيع متعددة أصبحت تفرض نفسها على المهتمين والباحثين في مجال العلاقات الدولية.
أصبحت المعضلة الأمنية في منطقة الساحل والصحراء معقدة للغاية، حيث ينظر إليها الكثيرون بتشاؤم وقلق كبيرين، ويصفونها بأنها مشكلة أمنية معقدة، ولم تقتصر تهديداتها على أفريقيا فقط بل امتدت آثارها غير المباشرة لتمثل تهديداً لأمن الدول العربية المجاورة والدول الأوروبية أيضاً، وبما أن ليبيا تقع بالقرب من هذه المنطقة الملتهبة، فإن الوضع الأمني في منطقة الساحل الإفريقي والصحراء يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي الليبي، كما تُعتبر هذه المنطقة محورًا لتحديات أمنية متعددة تشمل الجريمة المنظمة، والمخاطر السياسية، والاقتصادية، والقضايا الاجتماعية، والجرائم السيبرانية، والأنشطة الإرهابية التقليدية والمتقدمة، وتوفر البيئة الخصبة في هذه المنطقة ملاذًا للمنظمات الإرهابية المتطرفة، مما يجعلها مصدر قلق كبير للمؤسسات الأمنية الإقليمية والدولية، يمكن أن تؤدي الأنشطة الإرهابية والجريمة المنظمة في الساحل إلى زعزعة الاستقرار في ليبيا، مما يزيد من تفاقم التحديات الأمنية الداخلية ويؤثر بشكل كبير على الأمن القومي الليبي.
تعود نشأة مصطلح منطقة الساحل والصحراء إلى حقبة السبعينيات من القرن الماضي لتشير إلى الكتلة الجغرافية الممتدة من المحيط الأطلسي غرباً إلى البحر الأحمر شرقاً، وتضم تلك المنطقة دولاً مثل السنغال وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد والسودان ونيجيريا، كما دفعت الأحداث وتطوراتها المتلاحقة إلى أن يأخذ هذا المصطلح بُعداً جيوسياسيا لتندرج تحته مجموعة دول شمال أفريقيا، ومن أبرز الملامح والقواسم التي تشترك فيها تلك الدول وعرفت بها هذه المنطقة أنها ساحل من الأزمات الممتدة على حدود تتجاوز 6343 كيلومتراً، وهذا الساحل المأزوم يرتبط بعدد من المعضلات الأمنية في مقدمتها أزمة بناء الدولة في هذه المنطقة، وتنامي الصراعات الإثنية مع ضعف شديد في الانتماء الوطني لسكانها والبنى الاقتصادية الهشة، إضافةً إلى ضعف الأداء السياسي وعدم الاستقرار، وتعاقب الانقلابات في معظم دولها (موريتانيا، ومالي، وبوركينافاسو، والنيجر)، وأخطر تلك المعضلات الانتشار الواسع لجميع أشكال الجريمة والعنف البنيوي، والجماعات الإرهابية المتطرفة.
لتحميل الدراسة اضغط هنا