الصراع في القرن الإفريقي إلى أين؟
بقلم د. عبد اللطيف آدم موسى
قراءات حول القرن الأفريقي
يمثل القرن الأفريقي محور اهتمام إقليمي ودولي، وذلك نسبة لموقعه الجغرافي والاستراتيجي المميز والمطل على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، كما يشكل جزءا مهما من الساحل الأفريقي الممتد، هذه الميزة والوضعية الخاصة ذات الموقع الجيواستراتيجي شكلت عامل جذب قوي منذ أقدم العصور، وأن تكون مهدا لحضور الإنسان الأول للمنطقة، وبرز من خلال ذلك الحضور المبكر الذي أدى الي ظهور الثقافات المتباينة، بين المكونات المجتمعية المتعددة.
لذلك نجد بأن دول القرن لها أهمية جغرافية واجتماعية وسياسية كبيرة.
وأن محورية موقعها في هذا الجزء من القارة الأفريقية تعتبر ذات اهتمام إقليمي ودولي كما اسلفنا، ولكنها تعيش في خلافات وصراعات متجددة أدت إلى هشاشة المنطقة برمتها، ويعود ذلك نسبة لعدم استقرارها الناتج من خلال تعاظم وتفاقم تلك الأزمات والمشكلات السياسية والأمنية يضاف إليها تردي الأوضاع الإنسانية التي أثرت سلبا على الحياة السياسية والأمنية بالنسبة لإنسان المنطقة،،هذا الإنسان الذي لم يجد الاستقرار الأمثل سواء المعاناة المتلاحقة والمتعاظمة، من جراء تلك التدخلات الخارجية الَمفتعلة، وأزمات حروب الوكالة والصراعات ذات الأبعاد الدينية والعرقية والقومية، والتي كان لها التأثير البالغ على خارطة الحياة السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية، والبرامج التنموية الشاملة بنسبة لإنسان القرن الأفريقي.
كل هذه الصراعات المتعددة والمتكررة والمتلاحقة كما أسلفنا، والتي تشهدها المنطقة بين كل لحظة وأخرى، نجد بأن الغالبية منها ناجمة من جراء تلك التدخلات الخارجية والمرتبطة بعدد من المصالح الذاتية من قبل دول التوازن الإقليمي والدولي.
- – خرج المستعمر الأوربي من منطقة القرن الأفريقي منذ منتصف القرن التاسع عشر وترك خلفه بصمات واضحة المعالم، والتي لا يمكن أن تنتهي بين يوم وليلة ويعود ذلك برمته لأنه أيقن وزرع بذور الانقسامات بغرض الفتنة، من أجل أن يحصدها الأفارقة في المستقبل والتي تتمثل في حصاد الأزمات والفتن الداخلية والعنصرية والعصبية الدينية والتمييز.
- – كل هذه الأزمات المفتعلة والمشتعلة في بلدان القرن الأفريقي والبحر الأحمر اتضحت مؤخرا وأصبحت ذات علاقة بالمخطط الإسرائيلي في المنطقة تحت مسمى (مشروع القرن الأعظم لتحويل مسار مياه النيل) المرتبط بالاستقطاب المرحلي والممنهج والغرض منه اختيار أحد دول القرن الأفريقي التي تجسد وتشكل محورية العلاقات الوثيقة وذات الصلة بالكيان الصهيوني من أجل القيام بأداء مهمة عملية تنفيذ جزء كبير من المخطط والإخراج المرتبط بالمشروع الصهيوني المتوغل في المنطقة خاصة بعد أن حقق الاختراق المتقدم في أجزاء من القارة الأفريقية.
- – يضاف إلى ذلك أيضا وضع الاستراتيجيات المختلفة للتدخلات الخارجية نحو القرن الافريقي من قبل بعض الدول المهمة كالولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا، والتي كان لها التأثير المباشر في المتغيرات والتحولات السياسية والأمنية والداخلية على دول القرن الأفريقي.
- – قضايا ومشكلات عديدة لا تزال تلاحق استقرار المنطقة نجد من أهمها، ما برز مؤخرا من التوترات في أزمة الممرات التجارية والحيوية التي تعبر من قناة السويس، وما ألحق بها من الضرر والتأثير البالغ من جراء اضطرابات الملاحة والتجارة بالبحر الأحمر.
- – الأزمة الحوثية في منطقة البحر الأحمر والتي كانت بمثابة ذريعة لتمكين الأجنبي في المنطقة، وذلك من خلال استخدام القواعد الجوية الأجنبية بأحد دول القرن والتي تم من خلالها استهداف التمدد الحوثي.
ذلك الشيء الذي أحدث الأثر الكبير على الأمن القومي العربي.
- – كذلك نجد الاتفاق الإثيوبي الجزائي مع أرض الصومال والذي منح إثيوبيا حق الوصول الكافي لمياه البحر الأحمر، فقد زاد هذا الاتفاق من التوترات وعزز من الحضور المصري في المشهد والدافع في ذلك الأمر أيضا مرتبط بالتداخل الإسرائيلي وتوغله في المنطقة، وما له من انعكاسات مباشرة في المستقبل على الأمن القومي العربي الذي صار بصورة أكثر وضوحا.
- – وأخير برز دور حضور وظهور مسمي الشباب الصومالي المعتدل في المشهد وتمكنه من خلق أرضية وضعية جديدة ومميزة وثابتة نحو إدارة القضية الصومالية بوعي وإدراك كافٍ. قد تغير بعض المواقف تجاه المنطقة