المتغيرات والتعديلات الوزارية في المشهد التشادي الآن
بقلم د / عبد اللطيف آدم
التحليل والتنبؤ في الشأن التشادي ليس بالمرهق كثيرا، لأن العديد من الأمور هنالك لا تُدار عبر نهج سياسي راشد ومؤسسات فعلية مرتبطة بعمل الدولة، ذات التأثير المباشر، حتى يتثنى لها بالسير قدما وشبيها بنفس معطيات الدول الأخرى، التي تؤسس حكمها على نظام ديمقراطي حقيقي ومؤسسات فاعلة ذات حضور بارز في القرارات وبناء الدولة بنهج دراسي وقويم.
فمجمل التعقيدات والقراءات والتحليلات دائما ما تواجهنا في النظم التي تجسد ذلك النهج المؤسسي للديموقراطية الحقيقية والفعالة والواقعية والناشطة بَكل معادلاتها ومعطياتها متعددة الأوجه.
السياسة بالفعل هي علم معقد ولها تطبيقات واسعة، وليس مجرد فهم سطحي أو قاصر نحو شئون المجتمع حتى تعتبر بأنها أداة مهمة من أجل السيطرة على البشر. بقدر ما هي أوسع من ذلك بكل ما تحمله من معانٍ وأسس في مسألة الموازنات والمعطيات والمستجدات وأحداث ومتغيرات، وكيفية التعاطي معها.
ودائما ما تحدث السياسة وأزماتها حينما يتم خلطها مع مجالات ومعطيات أخرى دون ترتيب أو فهم عميق.
جزء كبير من الملفات الداخلية والخارجية للدولة التشادية أصبحت تُدار من الخارج ويعود ذلك نسبة إلى ضعف الإرادة السياسية المرتبطة بالنظام القائم.
فالوضع السياسي التشادي لايزال متوترا، ولا يوجد مشروع سياسي متكامل مطروح الآن حتى يعالج كافة القضايا بشكل صحيح، ويضاف إلى ذلك عدم الانسجام الداخلي في دولاب القائمين بأمر الحكم من خلال ظاهرة الاضطراب والارتباك السياسي حيال منظورهم لمعالجة كافة الأمور بما فيها القضايا الحيوية والمصيرية، ليعد ذلك من أحد أهم أسباب تدهور الحالة السياسية في البلاد.
فالدوافع في مسالة القرارات والمتغيرات والتعديلات الأخيرة تعتبر ذات ارتباط وثيق الصلة بحاله الوضع السياسي الداخلي والخارجي ويضاف إليها الحالة الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها تشاد الآن، كما أكدت هذه الدوافع أيضا بأن هنالك أدوات خارجية عابثة ذات تأثير مباشر على ضعف الوضع القائم، تريد من خلاله أن تمرر أجندتها من أجل تحقيق مشروعها وأهدافها واستراتيجيتها المستقبلية في المنطقة، بمقابل المال والوعود، وإن أدى ذلك أن يكون خصما على النظام الحاكم نفسه.
إن ظاهرة غياب الوعي والفكر السياسي المرتبطة بالحالة التشادية الآن يعد من أكبر أسباب تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد المرحلة الانتخابية التي قصرت النظرة والفهم فيها من أجل الحصول على كرسي السلطة ولم تدرك البرامج والنهج السياسي ورؤى وأفكار ومستقبل البلاد ما بعد الحصول على ذلك المقعد.
دواعي التغيير الأخير في الشأن التشادي الداخلي يعتبر ذات صله بتلك الملفات الخارجية التي تنعكس وتنصب سلبا نحو زيادة وتيرة التعقيدات السياسية والاجتماعية الداخلية.
إقالة إدريس يوسف بوي مدير مكتب الرئاسة تشير بأن هنالك أمور كثيرة مرتبطة بتلك الخطوة يضاف إليها تعيين حسن بخيت جاموس وزيرا للبيئة والتنمية المستدامة تؤكد معا بأن هنالك مسألة داخلية ما معقدة، ووجهات نظر مختلفة ومتباينة، وجزء كبير منها والخاصة بإقالة بوي مرتبطة خارجيا حيال الأزمة السودانية الحالية وموقف وآراء البعض منها.
وكذلك تعين الجنرال على أحمد أغبش أصيل الوالي الأسبق لولاية شاري الأوسط ليصبح وزيرا للأمن العام ونائب أول لقائد لجيش التشادي، وهو من أسرة المتمرد السابق (أصيل) صاحب المشروع في الدولة التشادية.
على أحمد أغبش يعتبر من جهة أخرى ذات قرابة وثيقة الصلة ب (حميدتي) قائد مليشيا الدعم السريع التي تخوض حربا الآن ضد الجيش السوداني منذ عام ونصف.
حتما هذه الأمور سوف تكون لها التأثير في الوضع السياسي والاجتماعي الداخلي وأمن تشاد القومي.
ومع دواعي التأثير الإيجابي لأصحاب الأغراض والمشاريع المستقبلية والأجندة الخارجية من أجل التمكين والتوسع في المنطقة أكثر فأكثر، هذا المنصب الجديد الذي دفعت فيه الإمارات الأموال الطائلة وألحقته بالوعود الأخرى من أجل الحصول علية بغرض التهيئة للترتيبات القادمة، والتي سوف تكون لها أبعاد ونتائج في المستقبل القريب.
كل هذه التعديلات والمتغيرات التي تمت والمتوقع القادم، أكدت وجسدت لنا المعاني نحو الغايات والتطلعات والأشواق والتلاقي الفرنسي الإماراتي الذي يضمن من خلالها حفظ المقاصد والمصالح والمعادلات، والتي يدخل المتوقع فيها حيال تعديل الوضع في تشاد إذا اضطروا لتحقيق تلك الغايات المرجوة، وفقا لضمانات المتفق عليها.
عموما عوامل غياب الخبرة السياسية ونهج مؤسسات الدول لهما الأثر الواضح على مسيرة البلاد وضعف قوة تواجدها السياسي.
وأيضا نجد عامل حضور التسول السياسي والتنقل ما بين تلك الدولتين ليظهر لنا ضعف الإرادة السياسية، والتي تؤدي إلى مورد المخاطرة.
ختاما ربما تكون الأيام القادمة حُبلي بالكثير عن مثل هذه المستجدات والمتغيرات في المشهد السياسي التشادي القادم وبكل المنعطفات التاريخية التي تمر بها البلاد الآن.