تشاد : تركيز الثروات الوطنية في أيدي عائلة ديبي
عامل انتشار الفساد المالي أو الثراء غير الشرعي في تشاد والمنسوب للأسرة الحاكمة وأقربائهم ظهر على السطح بصوره واسعة بعد مقتل الرئيس (إدريس دبي) وفاحت رائحته في ظل غياب نهج الدولة وأدوات المحاسبة والمراقبة مع الغياب التام لنظم قوانينها الرادعة، التي تحارب ذلك الفساد المالي والإداري بشتى أنواعه.
تلك القوانين الغائبة عن المشهد الآن، والتي تنظر إلى الجميع بمنظور ومسار واحد تحت ميزان العدالة الناجزة، والتي تحقق مقولة (ألا يعلو أحدُ أيا كان موضعه في الدولة على قانونها)
هذا الأمر لا يتواجد في دول القانون ومؤسساتها، ولا يتحقق إلا في وجود نظام ديمقراطي شفاف وعادل، هذان الأمران (دولة القانون والديمقراطية) غائبان في نهج الدولة التشادية الحالية.
حيث وجد (آل ديبي) ضالتهم في السيطرة على مقاليد الدولة كيف ما يريدون، وتم تغيب دور دولة المؤسسات، حيث لا توجد ديمقراطية حقيقية ومؤسسات فعلية تقوم بدورها بقدر ما هي شكلية ومقيدة ومغيبة؛ لأن الأسرة الحاكمة هي القابضة بزمام الأمور كلها، لذا غابت دولة المؤسسات الحقيقية والفعلية.
وأصبحت الأسرة وأقربائها لهم الحق في توجيه سفينة الدولة كيف ما يشاءون مع السيطرة التامة على كل مقاليدها وقيادتها.
فتلك هي النزعة السلطوية (الارستقراطية) البغيضة ذات الارتباط بالنظام، التي نصنفها ونسميها علميا بنظم (الاوليجاركية) وهي مصطلح لنظم تقليدية مستند إلى نبالة الدم والأسرة الحاكمة والمسيطرة على مقاليد السلطة والمال مع سيطرة العقول التي تدفع إلى حب النفس والرغبة الآثمة في احتكار الأموال وخيرات البلاد والتي تعمل أيضا على إقصاء وتغيب العقول المفكرة والمدبرة والمنافسة لها نحو رؤية كيف تدار الدولة.
هذا الثراء الفاحش سوف ينعكس سلبا ويترك عبئا ثقيلا على الدولة التشادية، ويعتبر وسيلة فعالة في تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية لدى المواطن التشادي البسيط، وسوف يؤدي أيضا إلى ركود التنمية وتردي الأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلاد، والناجمة من الأنانية وحب الذات والسيطرة والامتلاك.
ويزيد من معدل الأزمات وعملية الخصوم المعارضة، الثراء الحرام والذي ظهر حينما طال أمد نظام الأسرة الحاكمة في الجلوس على كرسي السلطة وبتمرير القوانين والتلاعب بالدستور، وتعديله بين كل حين وآخر حتى يلائم وجودهم، هذا الأمر أدى إلى غياب الديموقراطية الحقيقية ومؤسسات الحكم في الدولة التشادية، فأصبح الأمر من جراء تلك الأفعال إلى شبة الدولة.
الثراء حتما سوف يؤدي إلى الطغيان والمزيد من انتشار الوباء (الثراء الفاحش والحرام) بين أفراد الأسرة الحاكمة.
عموما هذه الظاهرة أو القضية هامه جدا، لأنها تهدد أركان الدولة وهي حاله دراسية تحتاج منا إلى تعميق وتشخيص أكثر فأكثر.