[gtranslate]
#تحليلات وتقارير

عودة ترامب للبيت الأبيض ماذا يعني للأزمة الليبية؟

يعتبر الملف الليبي من بين القضايا الإقليمية والدولية ذات الأهمية البالغة في السياسة الخارجية الأمريكية، لاسيما في ظل الفوضى التي اجتاحت البلاد بعد عام 2011، عندما أسهم التدخل العسكري الغربي في الإطاحة بنظام معمر القذافي. اليوم، يشهد الوضع في ليبيا أزمة سياسية معقدة، تستمر في التأثير على الاستقرار الداخلي والمنطقة بشكل عام. في هذا السياق، يتساءل الكثيرون عن تأثير فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية على الملف الليبي. بعض السياسيين والمحللين يرون أن التغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية قد تكون إيجابية بالنسبة لليبيا، بينما يحذر آخرون من تبعات قد تضر بالأوضاع السياسية في ليبيا.

وفي تصريحات خاصة لـ “أفريقيا برس” أشار المحلل السياسي محمود إسماعيل، إلى أن فوز ترامب قد يترك أثرا على الملف الليبي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وهذا بناءً على مجموعة من العوامل الدولية.

يقول إسماعيل أن ترامب قد يتبع سياسة أكثر مرونة تجاه ليبيا في حال انتهت الحرب الروسية -الأوكرانية لصالح روسيا وبتفاهم أمريكي، وفي مقابله سيعني تقليص النفوذ الروسي في منطقة شمال أفريقيا بشكل عام، وبالتالي تقليص التنافس على ليبيا بين القوى الكبرى. هذا التراجع في التدخلات العسكرية قد يفتح المجال أمام التوافق الدولي حول عملية سياسية أكثر جدية، وسيكون بدايته خلال تعيين مبعوث أممي جديد بتوافق روسي أمريكي لدفع بالعملية السياسية إلى الأمام شريطة وجود الإرادة الليبية للتوصل إلى حل دائم.

وفي هذا السياق، يرى إسماعيل أن ترامب، وبسبب علاقته الجيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يكون قادرًا على الدفع نحو توافق دولي يمكن أن يساعد في تسوية الأزمة الليبية وبشكل مفصلي، خاصة إذا ساهمت الأطراف الفاعلة في المنطقة في دعم الحلول السياسية.

التوجه الأمريكي تحت إدارة ترامب على نفس السياسة السابقة

على الجانب الآخر، يعرب بعض المراقبين من أن فوز ترامب قد يعيد إنتاج نفس السياسات الخاطئة التي تم اتباعها في الماضي، مثل دعم الحلول العسكرية لإعادة التوازن في ليبيا. يعتقد هؤلاء المراقبون أن ترامب قد يعيد تكرار الخطأ الذي ارتكبه في ولايته الأولى حيث أعطى الضوء الأخضر لاقتحام العاصمة وتقديم الحل العسكري على حساب الطرف الآخر.

وفي المقابل هذا ما استبعده إسماعيل حيث أشار أنه لن يتكرر هذا الآن لإدراك ترامب وإدارته بأن ذلك القرار كان قرارا خاطئا وثبت فشله على الأرض وخصوصا أن الظروف والمعطيات الدولية والإقليمية الجديدة تختلف تماما عما كان في ولاية ترامب الأولى.

‌وفي رأي آخر أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب كانت قد أظهرت اهتمامًا محدودًا بالملف الليبي في فترته الأولى، وأشار إلى أن رغم صدور “قانون دعم الاستقرار في ليبيا” من الكونغرس الأمريكي في آخر فترة حكمه، إلا أن هذا التدخل كان “خجولًا” ولم يتناسب مع حجم التحديات التي تواجهها ليبيا. هذا الأمر قد يشير إلى أن إدارة ترامب قد تظل مترددة في تقديم الدعم الكافي لتحقيق استقرار دائم في ليبيا.

المصالح الاقتصادية العامل الحاسم

وفي سياق آخر، يعتقد بعض المحللين أن أولويات ترامب السياسية تتعلق أساسا بالمصالح الاقتصادية الأمريكية، وخاصة النفط والاقتصاد. قد يعيد ترامب النظر في ملف ليبيا بما يتماشى مع مصالح أمريكا الاقتصادية، خصوصًا أن ليبيا تعد واحدة من أكبر منتجي النفط في المنطقة. بذلك، قد يتبع ترامب سياسة متوازنة تستهدف ضمان مصالح الولايات المتحدة في هذا القطاع الحيوي، بما في ذلك ضمان استقرار إمدادات النفط وحماية المصالح الاقتصادية الكبرى.

تقييم تأثير فوز ترامب على النزاع العسكري في ليبيا

تتباين آراء المراقبين حول دور ترامب في الحد من التصعيد العسكري في ليبيا. ففي حين يعتقد البعض أن ترامب قد يكون أكثر ميلًا إلى تقليص التدخل العسكري المباشر والحد من التصعيد، يرى آخرون أن سياسته قد تكون أكثر صرامة في مواجهة الأطراف التي تهدد الاستقرار في البلاد. في هذا السياق، يشير البعض إلى أن ترامب قد يتبنى سياسة دعم الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر في بنغازي أو الأطراف التي تؤمن له مصالح استراتيجية.

في الختام، يظهر أن فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية سيحدث تغييرات جوهرية في سياسة الولايات المتحدة تجاه الملف الليبي، سواء من خلال تقليص التدخلات العسكرية من كل الأطراف أو إعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية. تبقى الإشارة إلى أن السياسيين والمراقبين يتفقون على أن أي تغيير في السياسة الأمريكية سيعتمد بشكل كبير على توازن القوى الدولية والإرادة الداخلية الليبية في الدفع نحو التسوية السياسية. ومع التغيرات الدولية التي يشهدها العالم في ظل التنافس بين القوى الكبرى، قد تشهد ليبيا تحولات سياسية تفتح الباب أمام فرص حقيقية لتحقيق السلام والاستقرار، بشرط أن تتعاون جميع الأطراف المحلية والدولية لإيجاد حل دائم.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *