[gtranslate]
#شخصيات وأحداث

من ذاكرة التاريخ مؤتمر برلين 

مؤتمر الكونغو في 1884–1885

نظـَّم الاستعمار الأوروبي والتجارة في أفريقيا أثناء فترة الإمبريالية الجديدة، وتزامن مع البروز المفاجئ لألمانيا كقوة إمبراطورية.

وقد دعت إليه البرتغال ونظمه أوتو فون بسمارك، أول مستشار لألمانيا، ونتيجته، القانون العام لمؤتمر برلين، كثيراً ما يـُنظـَر إليه كتقنين لظاهرة التدافع على أفريقيا .

وقد انعقد المؤتمر في فترة من النشاط الاستعماري المتزايد من جانب القوى الأوروبية، بينما في الوقت نفسه كانت تلك القوى تقضي على أي صيغ من الحكم الذاتي الأفريقي وتقرير المصير.


يرجع الفضل إلى الملك ليوبولد الثاني ملك بلجيكا في إلقاء الضوء على مناطق كثيرة من القارة الأفريقية، فقد أرسل البعثات الكشفية والمستكشفين، وبدأ يتضح للعالم أن هناك قارة جديدة وسلالات جديدة تأخذ دورها في الحضارة العالمية ، وكان للملك ليوبولد أطماع استعمارية في الكونغو برئاسة المكتشف المشهور ستانلي، وأسفرت عن توقيع عدة معاهدات مع زعماء القبائل والحكام الوطنيين الذين تنازلوا عن سيادتهم نظير بعض الهدايا .  

كان هدف ليوبولد من هذه الحملات هو الحصول على اعتراف بدولة الكونغو الحرة، ولذلك حاول إغراء رجال الأعمال البريطانيين بممارسة نشاطهم التجاري في المنطقة وعمل على إقناعهم بأن تجارتهم ستكون أكثر أمنا تحت إدارته مما لو كانت تحت إدارة البرتغال أو فرنسا كما حرص في الوقت نفسه على ضرورة إقناع بسمارك بالاعتراف بدولة الكونغو الحرة . 

كان للبعثات الكشفية التي أرسلتها بلجيكا إلى إفريقيا بالإضافة إلى انعقاد مؤتمر بروكسل عام 1876 والتقاء سبعة من أشهر المكتشفين في إلقاء الضوء على الاكتشافات التي تمت في القارة، كما كان لعودة ستانلي عام 1877 من رحلته الشهيرة من أفريقيا الاستوائية وإعلان اكتشافاته في أعالي الكونغو أثرا كبيرا على القارة الأفريقية . 

التبعات: 

الادعاءات الأوروبية في أفريقيا، 1913

وكان من أهم نتائج المؤتمر تكوين الهيئة الدولية لكشف أفريقيا، وإدخال الحضارة فيها، وتقرر أن تقوم في كل دولة شعبة محلية تابعة لهذه الهيئة فبادرت بلجيكا بتكوين الشعبة البلجيكية، أما فرنسا فقد كانت الشعبة الفرنسية على رأسها دي براز .

وأدى تسابق فرنسا وبلجيكا على الكونغو إلى لفت أنظار الدول الأوروبية وسعى بسمارك الوزير الألماني لعقد مؤتمر في برلين لحل مشكلة الكونغو، وعقد المؤتمر في الفترة ما بين 15 نوفمبر 1884 إلى 26 فبراير 1885 وحضر المؤتمر أربعة عشر دولة منها خمس دول كانت لها النصيب الأكبر في الاهتمام بالقارة الإفريقية، والدول الخمس هي ألمانيا، بريطانيا، البرتغال، فرنسا، وبلجيكا.

ولعب بسمار دورا كبيرا في الموازنة الدولية بين الدول، فقد أدرك أنه لابد من منع تصادم الدول الأوروبية وأن استعمار إفريقيا لابد وأن يتم دون صدام مسلح، ويجب أن يتم في إطار مؤتمر دولي لذلك كانت الدول الأوروبية مقتنعة إلى حد كبير بجدوى هذا الأسلوب الدولي ونجحت فكرة عقد المؤتمر. 

وإذا كان المؤتمر قد عقد لبحث مشكلة الكونغو الا أنه ما لبث أن امتد وشمل عدة مشكلات أخرى وأخيرا تم الاتفاق على الآتي:

  • حياد إقليم الكونغو وحرية الملاحة والتجارة فيه.
  • حرية الملاحة والتجارة في حوض الكونغو والنيجر وحرية التجارة لكل الأمم.
  • عدم فرض أية دولة حمايتها أو سيطرتها على المناطق الساحلية في أفريقيا دون أن تعلن ذلك إلى الدول الأخرى التي وقعت على هذا الاتفاق.
  • عدم إعلان أية دولة الحماية على منطقة من القارة الأفريقية دون أن تكون هذه الحماية مؤيدة باحتلال فعلي.

تقييم مؤتمر برلين: 

كان أول مؤتمر استعماري عقد بين الدول الأوروبية المعنية بالاستعمار، لإقرار الوضع القائم في أفريقيا وتنظيم ما بقى من أراضي القارة، لقد كان انعقاد المؤتمر لتنظيم التجارة، في حوض الكونغو، ولإقرار حرية الملاحة في النيجر، ووضع مبادئ عامة لمنع اصطدام القوى الاستعمارية بعضها ببعض ، ولذلك فهو يعتبر عملا دوليا لتنظيم السلب والنهب في القارة الأفريقية. لقد أضفى المؤتمر الشرعية الدولية لالتهام القارة، وكان معنى نصوصه أن التملك بوضع اليد جائز في الأراضي غير التابعة لدولة أخرى من الدول الموقعة على الاتفاقية سواء أكانت مسكونة بالقبائل أو الأمم، ولم يكن رؤساء القبائل يقدرون معنى المعاهدات التي وقعوها، ووضعت بلادهم تحت الحماية الاستعمارية على اعتبار أنهم لا وجود لهم في نظر القانون الدولي . 

جدير بالذكر أنه عند عقد المؤتمر لم يمثل الأفارقة أي مندوب إنما تركت شئون أفريقيا ومصيرها الغامض في يد الدول الأوروبية وكان تقسيم أفريقيا إلى وحدات هو الأساس الذي صارت تعرف به حدود الدول الحديثة كما أن المؤتمر لم يهتم بحقوق الوطنيين ولا أملاكهم وإنما عنى فقط بضمان سلامة الدول الأوروبية المستعمرة . 

وقد ترتب على النص الأخير من المؤتمر بأن كل دولة أرسلت تجارتها وشركائها وجواسيسها ليجوبوا أفريقيا، وليحصلوا على توقيع، أو بصمة الزعماء أو الرؤساء الأفارقة. على معاهدات الحماية، خلال الخمسة عشر سنة التالية لعقد المؤتمر كانت أفريقيا قد تم تقسيمها بين الدول الأوروبية، وتم رسم الحدود وتعيين الفواصل السياسية بين حكم رجل ابيض وحكم رجل ابيض آخر .

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *